حمل مجانا 200مذكرة تخصص أدب عربي

نضرا للكثير من الطلبات التي وصلتنا من الطلبة والباحثين في تخصص ادب عربي يسرني ان اقدم لكم هذه المجموعة من المذكرات الليسانس ماستر دكتوراه في تخصص ادب عربي .

للتحميل اضغط على الرابط الموجود اسفل الصورة 

                   

                             رابط تحميل: 200 مذكرة تخصص ادب عربي



موضوع معالج بطريقة رائعة يمكنك مطالعته :


المبحث الاول : الشعر الفلسفي وشعر الحكمة

المطلب الاول : مفهوم الفلسفة

الفلسفة حقل للبحث و التفكير يسعى الى فهم غموض الوجود والواقع كما يحاول ان يكشف عن ماهية الحقيقة والمعرفة وان يدرك ماله قيمة اساسية واهمية عظمى في الحياة كما ان الفلسفة تنظر في العلاقات القائمة بين الانسان والطبيعة وبين الفرد والمجتمع وهي نابعة من التعجب وحب الاستطلاع والرغبة في المعرفة والفهم بل هي عملية تشمل التحليل والنقد والتفسير والتامل وبالنسبة لغرض الفلسفة فقد كان في العصور القديمة وفي القرون الوسطى تفسير نظام الكون باسره والبحث عن العلل الاولى لجميع الموجودات(1) .

اما في القرن 16 في عصر النهضة فان الثورة الفكرية ادت الى تقدم العلوم وازدهارها وكانت هذه النظرة فلسفية قبل ان تصبح علمية فقد استبدل بفكرة العالم المتناهي المنظم فكرة عالم لانهاية له اصبح من شان العقل الانساني ان ينظمه ويخضعه لسلطانه واما الفلاسفة المسلمون وجدوا ان الفلسفة عي السبيل الامثل لتحقيق السعادة القصوى التي هي غاية الوجود الانساني على الاطلاق ولما كانت الفلسفة هي التي تهدف الى تحصيل الجميل اصبحت هي الصناعة التي توقف على السعادة الحقيقة فالغرض من التفلسف كما يقول ابن سنا : "ان يوقف على حقائق الاشياء كلها على قدر ما يمكن للإنسان ان يقف عليه" وهذه الاشياء الموجودة اما اشياء ليس وجودها باختيارنا وفعلنا واما اشياء وجودها باختيارنا وفعلنا.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصطفى غالب: مبادئ علم النفس. مكتبة الهلال. بيروت. 1981. ص 9



المطلب الثاني : مفهوم الشعر

الشعر فن العربية الاول واكثر فنون القول هيمنة على التاريخ الادبي عند العرب، يعرفه ابن سينا " الشعر كلام مخيل مؤلف من اقوال ذوات ايقاعات متفقة متساوية متكررة على وزنها ومتشابهة حروف الخواتيم" .

وحين نجد ابن خلدون في كتابه المقدمة يعرفه بانه " كلام مفصل قطعا قطعا وتسمى كل قطعة من هذه القطعات عندهم بيتا ويسمى الحرف الاخير رويا" كما يشير ابن خلدون ايضا الى ان فن الشعر كان شريفا عند العرب ومن اجل ذلك جعلوه ديوان علومهم واخبارهم وشاهد صوابهم وخطاهم ويرجعون اليه في كثير من علومهم وحكمهم وكانت ملكته مستحكمة فيهم شان ملكتهم كلها.

اما محمد بن احمد بن طباطبة العلوي فيقول عن الشعر وادواته بان" الشعر كلام منظوم بائن عن المنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم بما خص به من النظم الذي ان عدل عن جهته مجته الاسماع وفسد على الذوق ونظمه معلوم محدود فمن صح طبعه وذوقه لم يحتج الى الاستعانة على نظم الشعر بالعروض التي هي ميزانه ومن اضطرب عليه الذوق لم يستغن عن تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذق به حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي لا تكلف معه" ويجمع ابن خلدون بين التخييل والوزن مثل قوله ان الشعر هو كلام مخيل مؤلف من اقوال موزونة .

المطلب الثالث: العلاقة بين الفلسفة والشعر

يقول الدكتور الاخضر جمعي في كتابه: " نظرية الشعر عند الفلاسفة الاسلاميين " حول علاقة الشعر بالفلسفة بان : " هناك في بيئات نقدية نشط نقاد منظرون في الارتقاء بوصف مفهوم الشعر عند العرب وكان لهذه الفئة صلات بالمنطق والفلسفة

وقد ظهرت هذه الفئة من النقاد اثر نقل كتاب الخطابة وكتاب الشعر بما يرفدهما طبعا من الفلسفة اليونانية عامة وارسططاليسية خاصة وبرزت لدى نقاد من مثل ابن طبطبا وقدامة وابن وهب الذين تكشف اعمالهم عن الطابع المنطقي والفلسفي بشكل صريح ولكن هذا لا يعني ان هؤلاء النقاد وضعوا فهما للشعر على غرار ما لليونان بل يبدوا انهم استعانوا بالفلسفة والمنطق ليضعوا فهما عميقا للشعر العربي او يؤصلوا علما للشعر يؤسس فهما لطبيعته وغايته ويظبط معيار القياس جماله وجودته دون ان يغادر التراث وحتى لو افترضنا انهم استفادوا لا من الفلسفة اليونانية فحسب بل من خطابة ارسطو وشعره " . (1)

فاذا كان الفلاسفة قد اعتمدوا على الفلسفة باقسامها المختلفة في تاسيس مفهومهم للشعر فان الامر عند ارسطو مطابق تماما فكتابه في الشعر تنتظمه خيوط فلسفته العامة ومحاولة فهمه بعيدا عن فلسفته كثيرا ما يؤدي الى التورط في الاخطاء .

ويبدو ايضا ان محاولة فهم نظرية الفلاسفة الاسلاميين في الشعر معزولة عن بنائهم الفلسفي من جهة وعن مارسخ لديهم من قناعات في حقيقة الشعر ترتد الى اصول عربية من جهة اخرى محاولة مهددة بالفشل من الاساس . (2)

فالشعر اذا في حاجة الى من يسمو به الى مستوى الفلسفة والنظر البعيد الشامل ويصور به المسائل العويصة وليست الفلسفة منافية للشعر فكل قضايا الفلسفة وكل حقيقة في هذا العالم تدخل في الشعر اذا صبغها الانسان بعاطفته فابان بها عن حزن او الم او تعجب او حيرة .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاخضر جمعي : نظرية الشعر عند الفلاسفة الاسلاميين . ص 16-17

(2) المجع نفسه : ص 28

المبحث الثاني : الرؤية الفلسفية في شعر الحكمة عند المتنبي

المطلب الاول : مفهوم الرؤية الفلسفية للحكمة في شعر المتنبي

كان القرن الرابع الهجري قرنا ثريا بالمذاهب الفكرية ذات الدلالات الفلسفية فهو عصر السنة والشيعة والقرامطة والمعتزلة و المرجئة وتاثر المتنبي بالفلسفة ظاهر في شعره وهي فلسفة تتم عن طول تفكير وعمق رؤية جعلت الحمة من اغراض شعره المقدمة وقد الف الحاتمي رسالة ابان فيها ما اخذ فيه المتنبي من اقوال ارسطو ويظهر شعر المتنبي اثر قراءته في الفلسفة واتصاله باساليبها (1)

وقد كان لابي الطيب من حياته وحياة عصره عبر ومواعظ اعمل فيها فكره وبنى عليها ارائه وكان له اطلاع على فلسفة العربية اليونانية عون على ابراز فكره ناضجا مشبعا بالاحكام السديدة فكتبت له فلسفته صك الخلود وسارت امثاله على افواه الاجيال تطوي وراءها العصور والقرون والمتنبي يحب القوة فغير عجيب ان تقوم آراؤه في الحياة على تعظيمها . وتعظيم القوة يكاد يكون من خصائص الفلسفة العربية منذ طورها الجاهلي الى عصر ابي الطيب فقد كزان العرب في بدواتهم يعيشون بالغزوات والغارات فجاءت حكمة شاعرهم ممزوجة بالقوة كما قال زهير :

ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم، ومن لايظلم الناس يظلم (2)

ثم جاء الاسلام فجمع بين الدعوة باللين " ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعضة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن " وبين الجهاد فكانت القوة هي المثل السائر في حياتهم والمتنبي احد هؤلاء الذين جعلوا للقوة فلسفة في الحياة عالية الدعائم ويختلف عن غيره في انه كان يبني فلسفته على مشاعر نفسه ورغباته فهو لم يعظم القوة الى لانه احبها وجاهد في سبيلها ولم يرى للحياة معنى الى بها وهذا ما ادى الى

تاكيد الدكتور يوسف خليف ان " المتنبي كان واسع الاطلاع على ثقافات عصره شديد الاتصال بها حتى ليخيل لمن يقرا شعره انه لم يكد يترك جانبا من جوانب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الموسوعة العربية العالمية : المتنبي – ثقافته الدينية والفلسفية .

(2) بطرس البستاني : اداب العرب في الجاهلية وصدر الاسلام ، ج دار مارون عبود ، 1977، ص 348

المعرفة في عصره الا اتصل به واستغله في شعره وتفيض اخباره باحاديث هذا الحرص على طلب المعرفة و يذكرون عنه انه كان يقضي الساعات الطوال من الليل ساهرا في القراءة عاكفا عليها وان الكتب لم تكن تفارقه حتى في اسفاره (1)

فقد كان المتنبي قوي الذاكرة حيث نجد في كثير من الكتب تنقل لنا بان شاعرنا كان يستطيع بذاكرته القوية حفظ الكتاب من اول قراءة.

فبيئة حلب والبيئة المصرية أتاحتا له فرصة ذهبية ليحقق طموحه إلى

المعرفة ، فقد كان بلاط سيف الدولة مركزا لحركة علمية على قدر كبير من الخصب والنشاط ، وكانت مجالسه كل ليلة ندوة متصلة بالعلماء والأدباء والفلاسفة واللغويين الذين كان يجزل لهم العطاء ليحقق لهم ما يريدونه وما يريده هو أيضا من تفرع لرسالتهم العلمية ، وهو الذي منح أبا الفرج الأصفهاني ألف دينار حين أهدى إليه كتابه " الأغاني " ، وكان قصره يضم مكتبة حافلة بالكتب النادرة أشرف عليها في أول الأمر الشاعر الصنوبري. (2)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يوسف خليف : في الشعر العباسي نحو منهج جديد ، ص ، 144

(2) المرجع نفسه : ص 145

المطلب الثاني: مفهوم شعر الحكمة

الحكمة فهي عبارة عن آثار التفكير في الإنسان والمجتمع والوجود والحقائق والأشياء وهي ثمرات العقل الإنساني والإحساس الفكري بالحياة (1).

فشعر الحكمة إذا هو ذلك الشعر الذي تضمن خلاصة ما لدى للشعراء من تجارب العقل والحياة . ويعد زهير أشهر شعراء الحكمة في العصر الجاهلي ، ومعلقته الشهيرة مزيج من المديح لهرم بن سنان والحارث بن عوف ، ووصف أهوال الحروب ومفاسدها ، رغبة منه في إقناع المتحاربين بالمصالحة والسلام ، في أسلوب من الحكمة التي تمنح معلقته بعدا إنسانيا رفيعا ( 2)

وكانت الحكمة في العصر الجاهلي مستمدة من تجارب الشاعر وآرائه الخاصة في الحياة ، وفي العصر الإسلامي كثرت الحكمة وتنوعت بما دخلها فوق ذلك من أثر القرآن والحديث وعلومهما في التفكير والأخلاق والاجتماع .

ويأتي العصر العباسي ونلقى فيه ثلاثة من فحول شعرائه في الحكمة : أبو تمام

والمتنبي وأبو العلاء المعري.

وحكم المتنبي عبارة عن مجموعة اراء وخواطر سانحة جاءت وليدة التجربة المرة في صراعه مع الحياة والاحياء كما ان بعضها جاء وليد الفكر المثقف الذي يجول في كل ميدان(3)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي : عيار الشعر ، ص ، 13

(2) محمد عبد المنعم خفاجي: الآداب العربية في العصر العباسي، دار الجيل ، بيروت ، ط ، 1 . 1999 م ، ص 201

(3) خليل شرف الدين : المتنبي ، ص ، 144

وقد قال ايليا الحاوي عن حكم المتنبي : " ان معظم حكم المتنبي مستمدة من التعميم والتجريد وهما الاسلوبان الفلسفيان اللذان يرتقيان من الجزئيات الى الكليات ومن الاعراض الى المبادئ" (1)

وقد قال احدهم عن حكم المتنبي مايلي : " فاذا خلد المتنبي فان الذي يخلده انما هي تلك الحكم الرائعة التي استفاضت في شعره فاستشهد الناس بها بحسب ما يقتضه مقام الاستشهاد فكان ابا الطيب لسان حال البشر باجمعهم فقد يقذف المتنبي في بيت او بيتين من مذهبا فلسفيا او علميا يشتغل به المفكرون طوال حياتهم (2)

وقد ذكر له الحاتمي في رسالته مئة بيت مقتبسة من اقوال ارسطو وعدها وهنا سرقة ، وليست كذك بل تدل على الاطلاع والثقافة ومن امثلتها قال ارسطو:

اذا كانت الشهوة فوق القوة كان هلاك الجسم دون بلوغها (3)

وقال المتنبي :

واذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام (4)

وقال ارسطو : علل الافهام اشد من علل الاجسام

وقال المتنبي : يهون علينا ان تصاب جسومنا وتسلم اعراض لنا وعقول (5)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إيليا الحاوي : في النقد والأدب،العصر العباسي ، ج 3 ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، ط1 ، 1980، ص ، 48

(2) ريجيس بلاشير : أبو الطيب المتنبي ، ص ، 477

(3) الموسوعة العربية العالمية : المتنبي

(4) جورج عبدو معتوق : المتنبي ، ص ، 126

(5) اليازجي : العرف الطيب ، ص ، 167

فحكمت المتنبي مبثوثة في ثنايا قصائده، وقد تاتي في بيت او نصف بيت ومن امثلة ذلك مايلي:

ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى عدوا له من صداقته بد (1)

ويقول في الصداقة ايضا (2):

شَرُّ اْلِبلاَدِ مَكَانٌ لاَ صَدِيقَ بهِ وَشَرُّ مَا يَكتَسِبُ اْلِإنْسَان مَا يَصُمُّ

ويقول حكمة في نصف بيت مثل قوله :

أَنَا اْلغَرِيقُ فَمَا خَوْفِي مِنَ اْلبَللِ(3)

ويقول أيضا :

مَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محمد زغلول سلام : الأدب في عصر العباسيين ، ص ، 81

(2) سراج الدين محمد : الحكمة ، ص،20

(3) ناصيف اليازجي : العرف الطيب ، ص ، 130

المطلب الثالث : الحكمة الشعرية عند المتنبي

لقد نالت حكمة الشعر عند المتنبي استحسان الجميع وذلك أن معانيها تدور حول

حقائق بسيطة من قبل البديهيات التي تتعلق بالسلوك الفردي الفاضل أخلاقيا ، وهي عصارة التجربة البشرية ثم إنها تميل إلى الانفتاح على التجربة العامة ، فهي تنزع إلى الاستقلال عن السياق الذي قيلت فيه وعن ذات مبدعها فهي موجهة بالأساس للقارئ ثم إنها تضطلع بقيمة تعليمية تصل الشعر بوظيفته الاجتماعية التي كان يقوم بها في القديم .

كما أن الحكمة عند المتنبي لم تكن كما اعتقد البعض أنها زخرفا يرصع بها شعره ،

كما أن النفس الملحمي لم يكن عنصرا زائدا على الشعر الوجداني أو دخيلا عليه ، كما أن الحكمة لم تكن مادة مستقلة بذاتها بمعزل عن التجارب الشعرية . فشعر المتنبي عالم من تصور وانفعال وفكر من السخف . اعتبارا الحكمة عنده ضربا من التمويه والقناع كما اعتقد آخرون ، ومن المبالغة اعتبارها مذهبا فلسفيا كاملا (1)

فقد حمل المتنبي منذ صباه هما إنسانيا كبيرا وتقمص شخصية البطل المنقذ الثائر على الواقع ، فكان شعره ينطق دفعة واحدة بلسان ذاته وبلسان " الإنسان المثالي " الذي يتجسده ويريد تحقيقه ، فكان شاعرا ذاتيا وقوميا وحكيما في الآن ذاته . الحكمة هي النسيج الداخلي لعالم الشاعر ، وهي الدعائم البارزة لهذا البناء ، في حين أن الوجدان نفحه الروحي ، والنفس الملحمي بعده الكوني . لا تؤلف الحكمة مذهبا فلسفيا متكاملا ، ومن العبث اعتبار المتنبي فيلسوفا ومقابلته بالفيلسوف الألماني" نيتشه" ( 2) .

فقد كانت ثورة المتنبي إنسانية في صميمها ، نابعة من ضمير يؤمن بقضية أمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جورج عبدو معتوق : المتنبي ، ص ، 210

(2) المرجع نفسه ، ص ، 211



مغلوبة على أمرها، وهكذا نجد أن حكمة المتنبي كما يقول عنها " خليل شرف الدين" جاءت إفرازا ذاتيا لرؤياه العقلية والثقافية ، ولم تأت نقلا حرفيا من خارج... كما جاءت نتيجة حتمية لشاعر لا يستطيع أن يستوعب بقدر ما يستطيع أن يدرك(1).

المطلب الرابع : فلسفته في شعر الحكمة

إن للمتنبي مذهبا خاصا في الحياة . وقد يستغرب الواقفون عند الظواهر نسبة الفلسفة إلى شاعر ولو كان من كبار الشعراء ؛ لجهلهم حقيقة الشعر والفلسفة معا وظنهم أن الفلسفة لا تصدر إلا عن الفكر وحده مجردا من الخيال والعاطفة ؛ وإن الشعر لا يصدر إلا عن الخيال والعاطفة بحتا مجردين من الفكر . ولقلة تفرقتهم بين الحقائق التي تقر في الروع وتنطبع في البصيرة ثم تسلك سبيلها من العقل الباطن إلى العقل الظاهر فإذا هي موافقة له غير مستعصية على براهينه وأنماطه ، وبين الحقائق الذهنية الصرف التي يدركها الفكر الظاهر ابتداء كما تدرك المسائل الحسابية والمعلومات الإحصائية ؛ وهي مما لا يستجيش إحساسا ولا يحتاج إلى خيال . والحقيقة أن الفكر والخيال والعاطفة ضرورة كلها للفلسفة والشعر مع اختلاف في النسب وتغاير في المقادير.